الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفاسير سور من القرآن
65634 مشاهدة
تفسير قوله: وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ

...............................................................................


اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ .
الأولياء في لغة العرب جمع ولي، وقد تقرر في فن التصريف أن الفعيل إذا كان وصفا اطرد جمعه جمع تكسير على فُعَلَاء، إلا إذا كان معتل اللام أو مضعفا فإنه يطرد جمعه جمع تكسير على أَفْعِلَاء كتقي وأتقياء وشقي وأشقياء وسخي وأسخياء وولي وأولياء كما هنا.
والولي في لغة العرب هو كل من انعقد بينك وبينه سبب يجعلك تواليه ويواليك؛ ولذا كان الله ولي المؤمنين، والمؤمنون أولياء الله اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ؛ لأنهم يوالونه بالطاعة وهو يواليهم بالنصرة والثواب الجزيل وإصلاح الدنيا والآخرة.
وهؤلاء الذين يتخذون أولياء كالذين يتخذون الشياطين أولياء فيتبعون قانون الشيطان وتشريع الشيطان، وكالذين يتخذون بعض رؤساء الكفرة الضلال أولياء فيتبعون تشاريعهم ويحلون حلالهم ويحرمون حرامهم هؤلاء كفرة فجرة.
وقد ثبت في الحديث: عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ؛ كيف اتخذوهم أربابا؟ وكان عدي في الجاهلية نصرانيا. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يحلوا لهم ما حرم الله، ويحرموا عليهم ما أحل الله؟ قال: بلى، قال: بذلك اتخذوهم أربابا .
فمن اتبع تشريع ولي تولاه من شيطان أو طاغية أو كافر أو صاحب قانون أو بدعة، واتبع ما أحل من الحرام وما حرم من الحلال؛ فقد اتخذ ذلك ربا وخرج عن قانون نظام السماء الذي وضعه خالق السماوات والأرض جل وعلا على لسان سيد الخلق، وهذا معنى قوله: وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ ؛ أي غيره أَوْلِيَاءَ .